النرجسية أحد الأمراض النفسية التي تستلزم في كثير من الإحيان الخضوع للعلاج، وهي تعني الانشغال بالذات والمظهر العام أو الصورة العامة بشكل مبالغ فيه، والتي تنتشر في الغالب بين فئة الشباب، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي الذي وصل استخدامها لحد الإدمان تتزايد التساؤلات حوّل تأثيرها على الشباب ومدى مساهمتها في خلق شخصية نرجسية.
النرجسية بين الشباب
تشير أبحاث ودراسات إلى أن الشباب اليوم أكثر نرجسية من أي وقت مضى، حيث أوضحت بعض الاستبيانات -غير السريرية- أن أكثر من 10% من الشباب في العشرينيات يعانون من النرجسية، مؤكدة أن الشباب هم الفئة العمرية الأكثر نرجسية، بل إنهم يصبحون أكثر نرجسية مع التقدم في العمر.
حللت دراسة نُشرت في مجلة "Journal of Personality" بيانات 85 عينة من طلاب الجامعات الأمريكية أجاب فيه المشاركون على استبيان مكون من 40 سؤالاً لقياس النرجسية، ووجد الباحثون أنه بين عامي 1982 و2006 زادت درجات النرجسية بشكل كبير بين طلاب الجامعات.
وانتهى الباحثون إلى سببين لهذه الزيادة في النرجسية لدى الشباب؛ الأول هو التركيز الأكبر في السنوات الأخيرة على بناء احترام الذات لدى الشباب، والثاني هو الإنترنت، خاصة وسائل التواصل الاجتماعي، التي تشجع الشباب على التركيز المفرط على أنفسهم وصورتهم العامة.
تركز وسائل التواصل الاجتماعي خاصة "فيسبوك" و"إنستجرام" على مشاركة صورة الفرد وآرائه وأحياناً الإفراط في المشاركة، لذلك الشباب الذين يستخدمون هذه المنصات بشكل متكرر يكونوا عرضة للنرجسية.
علاقة النرجسية بوسائل التواصل الاجتماعي
وتظهر الأبحاث أن إدمان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تنبئ بمستويات أعلى من النرجسية العظمى، يشمل ذلك الوقت المستغرق على وسائل التواصل الاجتماعي، وتكرار المنشورات أو التغريدات، وعدد الأصدقاء والمتابعين، ومدى تكرار نشر الصور الذاتية.
وفي دراسة أجريت عام 2018، تتبع باحثون 74 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا على مدى 4 أشهر من خلال استبيان لقياس سماتهم النرجسية، ووجدوا أن المشاركين الذين نشروا كميات كبيرة من الصور والصور الذاتية أظهروا زيادة بنسبة 25% في النرجسية، خاصة أولئك الذين استخدموا "فيسبوك" والمنصات الأخرى التي تركز على الصور بدلاً من الكلمات أصبحوا أكثر نرجسية مع مرور الوقت.
تشير دراسات مثل هذه إلى أن النرجسية على وسائل التواصل الاجتماعي لديها القدرة على التداخل مع ما يُعرف باضطراب الشخصية النرجسية (NPD)، حيث إن المشاركين الذين أظهروا الزيادات الأكثر وضوحًا في النرجسية تأهلوا فعليًا لتشخيص NPD.
هناك نوعان من النرجسية، وهي: النرجسية العظمى التي تتميز بمشاعر التفوق والاستحقاق، والنرجسية الضعيفة التي تتميز بالحساسية المفرطة تجاه النقد.
وفي دراسة أجريت في عام 2020 على الشباب وجدت أن كلا النوعين من النرجسيين كانوا عرضة للإدمان على "التيك توك" و"فيسبوك"، وكان النرجسيون الضعفاء أكثر عرضة بشكل خاص للإدمان، حيث يميلون إلى البحث عن ردود الفعل الإيجابية عبر الإنترنت، حيث يمكنهم التحكم بشكل أكبر في مظهرهم من الواقع.