التعرض لفترات طويلة من الحروب وعدم اليقين من وجود مستقبل، وزيادة عدد الضحايا وتضاؤل الشعور بالأمان نتيجة المعاناة من القصف والتجويع وفقدان الأحبة ومشاهدة الجثث والدماء؛ كلها مشاهد مرعبة ربما يراها البعض في الأفلام، لكن يعيشها آخرون لفترات طويلة حتى تتأثر صحتهم العقلية، ويواجهون مضاعفات إذا لم يخضعوا للعلاج.
للعنف والحروب يد خفية أشبه بالسموم التي تخترق العقول، وتدمر الحالة العقلية والنفسية للسكان الذين يعيشون في بلدان ليست آمنة، خاصةً الأطفال باعتبارهم الفئة الأضعف، حسب مؤسسة "Save the Children".
وفي السطور التالية تستعرض بوابة "صحة" تأثير الحروب والصراعات في الصحة النفسية والعقلية والجسدية للأطفال.
فقدان الأطفال الذين يعيشون في مناطق النزاع منازلهم نتيجة القصف، والنزوح إلى أماكن أكثر فقراً، والعيش في المخيمات، وفقدان الآباء والأقارب والأصدقاء، يؤدي إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب والقلق والتوتر لديهم؛ حيث يعاني بعضهم من التوتر خلال تعرضهم لأبسط المواقف، مثل انغلاق الباب أو تحرك كرسي على سبيل المثال؛ بسبب خوفهم من أصوات الطائرات والصواريخ التي سمعوها.
رؤية الصغار ركام المدارس التي طالما ذهبوا إليها تساهم في تدهور صحتهم النفسية والاجتماعية، وتسبب الشعور بانعدام الأمن والخوف والقلق المزمن؛ ما يؤدي فيما بعد إلى التبول في الفراش، وصعوبة النوم والكوابيس.
تعرض الأطفال للعنف بكافة أشكاله يزيد حساسيتهم، ويجعلهم باردين عاطفياً؛ ما يؤدي إلى احتمالية ممارستهم السلوك العدواني، وعدم قدرتهم على بناء علاقات ناجحة مع الآخرين على المدى الطويل.
وجود الأطفال وسط نزاع مسلح وعدوان متكرر يؤدي إلى زيادة العنف لديهم؛ فقد يتنمرون أو يصرخون ويبدؤون الشجارات مع أطفال آخرين. ويعود السبب الحقيقي وراء ذلك – وفقاً لعلماء النفس – إلى عدم وجود ملاعب وأنشطة يقومون بها للتخلص من الطاقة السلبية.
كلما ارتفعت مستويات التوتر لدى الأطفال أدى ذلك إلى مشكلات جسدية، مثل آلام الرأس والصدر وصعوبة التنفس، وفي بعض الحالات قد يحدث فقدان مؤقت للحركة في الأطراف، ويمكن للبعض مواجهة صعوبة في التحدث والإصابة بالتلعثم، حتى حدوث فقدان جزئي بالذاكرة.
من أجل الهروب من البيئة المحيطة المليئة بالعنف والعيش في صراعات وسماع أصوات الانفجارات والصواريخ، بعض الأطفال يتورطون في تعاطي المخدرات، وآخرون يحاولون إيذاء أنفسهم أو الانتحار أملاً في الراحة.
كشفت دراسة لجامعة ميشيغان الغربية بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2021 عن العواقب الوخيمة للحروب على الصحة العقلية للأطفال؛ فالإصابة بجروح وندوب، والتعرض المستمر للعنف والعيش داخله يؤدي إلى سلس البول الليلي وفقدان الشهية والبكاء المتكرر، إضافةً إلى اضطراب ما بعد الصدمة.
وبهذا فإن مشكلات الصحة العقلية والاضطرابات والصدمات التي تحدث للأطفال إذا لم تُعالج بانتظام فستظهر مضاعفاتها، خاصةً خلال فترة البلوغ.