يعرف معظمنا أشخاصاً يسعون دائماً لإتمام المهام بدقة متناهية سواء كان ذلك في العمل أو الحياة اليومية، ورغم أن السعي للكمال ليس بالضرورة أمراً سلبياً إلا أن بعض الأشخاص قد يعانون من اضطراب يسمى "اضطراب الوسواس القهري المرتبط بالكمالية"، وفي السطور التالية تستعرض "بوابة صحة" الأعراض والأسباب وطرق العلاج لهذا الاضطراب.
الكمالية هي تحقيق التميز والأداء دون عيوب
الكمالية هي سمة شخصية تدفع الأفراد إلى وضع معايير عالية جداً لأنفسهم، فالأشخاص الكماليون يسعون إلى تحقيق التميز ويحرصون على أن تكون أعمالهم خالية من العيوب، في حال كانت الكمالية متزنة فقد تؤدي إلى تحسين الأداء وتقدير الذات، ولكن إذا أصبحت غير صحية يمكن أن تتسبب في ضغوط نفسية وأفكار وسواسية تدفع الشخص للبحث عن الكمال بشكل مفرط.
يُعد اضطراب الوسواس القهري المرتبط بالكمالية نوعاًَ فرعياً من الوسواس القهري، حيث يواجه المصابون به أفكاراً وسواسية تتعلق بالحاجة إلى أن تكون الأمور مثالية ومتناسقة، على عكس الكمالية الطبيعية التي يعاني المصابون بهذا الاضطراب من انخفاض تقدير الذات وضغط نفسي كبير، ووفقاً لدراسة نشرت في مجلة Journal of Anxiety Disorders يرتبط هذا النوع من الكمالية غير الصحية بسوء تنظيم المشاعر والاكتئاب.
هناك علاقة بين الكمالية غير الصحية والوسواس القهري
لا يمكن الجزم بأن الكمالية ستؤدي دائماً إلى الوسواس القهري، ولكن بعض الدراسات تشير إلى وجود علاقة بين الكمالية غير الصحية وتطور أعراض الوسواس القهري، ووفقاً لبحث نشر في Clinical Psychology Review قد يكون الكمال وعدم تحمل عدم اليقين مؤشرات لأعراض الوسواس القهري، ولكن ليس كل الكماليين يعانون من هذا الاضطراب.
على سبيل المثال، الشخص الكمالي قد يراجع بريداً إلكترونياً للتأكد من صحته، بينما قد يعيد شخص مصاب بالوسواس القهري المرتبط بالكمالية كتابة الرسالة مراراً وتكراراً للتأكد من أن طول الجمل متساوٍ، كذلك قد يستهلك المصابون بالاضطراب ساعات في ترتيب الأشياء بدقة أو يشعرون بالقلق الشديد إذا لم تكن الأمور على النحو "المثالي" المطلوب.
العوامل الوراثية تلعب دوراً في هذا الاضطراب، كما تشير بعض الأبحاث مثل تلك التي نُشرت في مجلة "Nature Reviews Neuroscience" إلى أن اضطرابات مثل نقص السيروتونين في الدماغ قد تكون مرتبطة بتطور هذا النوع من الوسواس، بالإضافة إلى ذلك قد يؤدي التعرض للتوتر أو صدمات الطفولة إلى تحفيز الأعراض.
يُعد العلاج بالتعرض ومنع الاستجابة (ERP) من أكثر الطرق فاعلية لعلاج الوسواس القهري المرتبط بالكمالية، هذا العلاج يساعد المصابين على مواجهة مخاوفهم دون اللجوء إلى سلوكيات قهرية، ووفقاً لدراسات نشرتها American Journal of Psychiatry يعتبرERP العلاج الأكثر نجاحاً في هذا السياق.
مثبطات امتصاص السيروتونين تخفف أعراض الوسواس القهري
قد تكون الأدوية مثل مثبطات امتصاص السيروتونين مفيدة لتقليل الأعراض، خاصة عندما تكون مصحوبة بالعلاج النفسي.
من المهم أن يتعلم الأشخاص تقنيات لإدارة الأفكار المتطفلة والقهريات، ويمكن استخدام تقنيات مثل إعادة هيكلة الأفكار والتمارين العقلية التي تركز على التعامل مع عدم اليقين.