يُعتقد أن التكنولوجيا وتطور الحياة ودخول عالم الذكاء الاصطناعي، سيجعل الحياة أفضل، ويمنحنا مزيداً من الشعور بالهدوء والرفاهية، ولكن ما يحدث الآن مخالف للواقع، حيث انهارت بعض العلاقات العائلية والزوجية في الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح الشريكان يعيش كلٌّ منهما حياة انفصال عن الآخر.
من المؤكد أن جيل الثمانينيات والتسعينيات (جيل الألفية) تمنى أن يعيش حياة هادئة سعيدة، لكنه لم يتوقع أن يصبح الفتور هو السمة السائدة على نسبة كبيرة من العلاقات الزوجية، التي انخفض فيها معدل ممارسة العلاقة الحميمة، حيث باتت الصراعات تهدد استقرارهم، خاصةً مع تزايد الضغوط الاقتصادية، حسب "BBC".
وعند البحث على مواقع التواصل الاجتماعي، ستجد العديد من الشكاوى في مجموعات "فيسبوك"؛ بسبب الامتناع عن ممارسة العلاقة الحميمة بعد فترة قصيرة من الزواج، فما السبب الذي جعل الأزواج يعيشون غرباء في المنزل؟
في أحد جروبات المشاكل الزوجية، قالت سيدة أمريكية إنها حظيت بحياة زوجية مذهلة في السنوات الأولى من الزواج، لكن عندما بلغ زوجها 30 عاماً، توقف عن ممارسة العلاقة الزوجية معها، وبجانب ذلك، توجد العديد من الحكايات المحبطة، لكن من الغريب أن مثل هذه القصص لم تأتِ من كبار السن الذين يكافحون من أجل الحياة، بل تُنشر من قبل أشخاص في أواخر العشرينيات أو الثلاثينيات من العمر.
كشف استطلاع رأي أجراه معهد كينزي في جامعة إنديانا عام 2021، أن جيل الألفية هم الأكثر إبلاغاً عن مشاكل متعلقة بالرغبة الجنسية خلال عام 2020، حيث أبلغ 25.8% من جيل الألفية مقابل 21.2% فقط من الجيل "X" (الذين وُلدوا في أوائل الستينيات إلى أوائل الثمانينيات) عن فقدانهم للرغبة الجنسية.
وتعليقاً على نتائج الاستطلاع الذي شارك فيه مجموعة من البالغين تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاماً في الولايات المتحدة الأمريكية، أوضّح "جوستين ليهميلر" زميل باحث في معهد كينزي، أنه عندما يفقد أحد الزوجين الرغبة الجنسية، من المتوقع أن ينخفض معدل وتيرة العلاقات الحميمة.
ومن جانبها، أوضحت "سيليست هيرشمان"، المعالجة الجنسية المقيمة في سان فرانسيسكو، والتي تعالج المرضى منذ حوالي 20 عاماً، أن الأمر كان يستغرق حوالي 10 إلى 15 عاماً، حتى يتوقف الزوجان عن ممارسة العلاقة الحميمية مع بعضهما البعض، أما الآن، ربما يستغرق الأمر من 3 إلى 5 سنوات فقط.
يعاني جيل الألفية بشكل خاص -مقارنةً بالأجيال السابقة- من ارتفاع معدل هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر)، ما يعيق بالمشاركة مع ضغوط الحياة المستمرة الأزواج عن ممارسة العلاقة الحميمة، إضافةً إلى ما تضفيه طبيعة العصر من الشعور بـ"الإجهاد" الذي يعد أحد أكبر قتلة الرغبة الجنسية، حسب "جوستين ليهميلر".
أثرت بيئة العمل غير المستقرة في علاقة الأزواج من جيل الألفية، الذين بدأت حياتهم المهنية خلال فترة الركود الاقتصادي العالمي، ومروا بالأعباء التي فرضتها جائحة "كورونا"، حيث أدى إقبالهم المتزايد على العمل خوفاً من عدم وفرة المال اللازم لاستقرار حياتهم الأسرية في المستقبل إلى شعورهم بالإرهاق المتواصل، وإصابتهم بالتعب الشديد في أثناء ممارسة العلاقة الحميمة.
وبجانب هذه الأسباب، يُعد قضاء فترة طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي، من الأسباب خلف انعدام الرغبة الجنسية، حيث أصبح البعض يفضل العيش في عالم افتراضي بعيداً عن ضغوط الحياة ومتاعبها.
توجد العديد من المشاكل الصحية التي يمكن أن يتعرض لها الشريكان عند التوقف عن ممارسة العلاقة الزوجية، مثل الضعف الجنسي لدى الرجال والتهاب المسالك البولية واضطرابات البروستاتا، إضافةً إلى جفاف الأعضاء التناسلية لدى النساء، والشعور بألم خلال الدورة الشهرية، وضعف عضلات الحوض ومتلازمة المبيض المتعدد الكيسات التي تحدث نتيجة عدم التوازن بين الهرمونات في جسم المرأة، وفقاً لـ"Healthshots".
ينتج الجسم هرمون السعادة "الإندورفين" المسؤول عن تحسين الحالة المزاجية خلال ممارسة العلاقة الزوجية، وقلة إنتاجها في الجسم يؤدي إلى ظهور التقلبات المزاجية التي تصل إلى الاكتئاب، بالإضافة إلى الإصابة باضطرابات النوم وزيادة التوتر والقلق.