نحو 20% من الأشخاص قد يصابون في مرحلة ما من حياتهم بما يسمى "الشرى/ الطفح الجلدي"، وهو تفاعل تحسسي جلدي يسبب ظهور بقع حمراء أو وردية أو بيضاء مرتفعة عن سطح الجلد ومثيرة للحكة، فيما يربطه أطباء أحياناً بالتوتر ويسمونه "طفح التوتر"، وفقاً للكلية الأمريكية للحساسية والربو والمناعة.
ويمكن أن يؤدي التوتر إلى الإحساس بالإرهاق المتواصل، ومشاكل في النوم، وإضعاف جهاز المناعة، وارتفاع ضغط الدم، وانخفاض الوظائف الإدراكية، إضافةً إلى تأثيره على البشرة.
وبحسب "Allina Health"، يُعد "التوتر" عملية استجابة تلقائية لأي تهديدات متصورة، وقد يعتبر حالة صحية إلى حد ما؛ لأنه يؤدي لإنتاج هرمونات ضرورية مثل "DHEA"، و"الأوكسيتوسين"، اللذان يحفزان الإنسان للأداء بطريقة أفضل بجوانب معينة في حياته، لكن إذا تعرض لتوتر كبير لفترةٍ طويلة، يرتفع هرمون التوتر "الكورتيزول"، ما يحفّز جهاز المناعة كي يكون أكثر تفاعلاً، ويجعل البشرة أكثر حساسية.
يؤدي التوتر إلى تفاقم حالة "الشرى" أو الطفح الجلدي، وتظهر في صورة نتوءات تُثير الحكة، وهي أعراض شائعة لمن يعانون أمراضاً جلدية أخرى، مثل: الأكزيما، والعد الوردي، والصدفية.
ويمكن أن يؤدي التوتر إلى تفشي المرض بشكلٍ حاد، وقد لا يدرك المصاب بمدى تأثير التوتر على بشرته، لكن يمكن عند اكتشاف ذلك اتباع الطرق الوقائية لتجنب الإصابة بالطفح المزمن.
وفي سياق متصل، قالت أستاذة ومديرة قسم الأمراض الجلدية بكلية الطب في جامعة كولورادو بأمريكا، د. ويتني هاي، إن الطفح الجلدي الناتج عن الإجهاد غالباً ما يشير إلى ما يُعرف بـ"الأرتكاريا" أو ما يسميه مقدمو الخدمات الطبية "الشرى"، ويُعرّف "الشرى الكوليني" بأنه طفح جلدي يتطور مع التوتر، أو بعد تناول طعام ساخن أو حار، وفقاً لدراسة أجريت في سبتمبر 2022.
ويمكن أن تستجيب خلايا التوتر مع ارتفاع درجات حرارة الجسم بسبب الإجهاد، بحسب ما أوضحته طبيبة الأمراض الجلدية المعتمدة في أوغوستا بجورجيا، عضو فريق بحث الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية، د. لورين بلوخ، مؤكدة أن حالة الجلد يمكن أن تتطور أيضاً بسبب زيادة الهستامين، وهي مادة كيميائية يصنعها الجهاز المناعي استجابة لمحفزات معينة، ما يؤدي إلى خلايا أو كدمات.
يُنصح بزيارة الطبيب عند ظهور أعراض الطفح الجلدي؛ فربما يكون سبب "الشرى" النظام الغذائي أو المنظفات أو الشامبو أو غيرها من العوامل، ويساعد فحص تلك الاحتمالات على تحديد ما إذا كان التوتر هو السبب أم لا.
تقول د. ويتني هاي، عضو مجلس إدارة الأكاديمية الأمريكية لجمعية الأمراض الجلدية: "رغم أننا كأطباء أمراض جلدية ندرك أن (الشرى) يمكن أن يحدث بسبب الإجهاد، إلا أنه ليس التفسير الأول لدينا، لكن إذا لم نتمكن من العثور على أي سبب آخر، سنضع التوتر بالاعتبار".
وأضافت: "أحياناً مع الإجهاد لفترات طويلة، يمكن أن تتطوّر الحالة إلى التهاب الجلد العصبي، وهو عبارة عن دورة من الخدش لا تنتهي أبداً، ما يتسبب في زيادة حكة الجلد مع كل خدش".
يظهر الطفح الجلدي الناجم عن الإجهاد والتوتر، في صورة نتوءات حمراء منتفخة قد تظهر في جميع أنحاء الجسم، لكن الأكثر شيوعاً منها هي التي تظهر على الوجه، أو الرقبة، أو الصدر، أو الذراعين، بحسب "Scripps Health".
وأوضحت د. هاي أنّ حجم حبوب الطفح الجلدي قد يتراوح بين نقاط صغيرة وكدمات كبيرة، ويتشكل في بعض الأحيان ضمن مجموعات.
ويظهر "الشرى" فجأة، وقد يستمر لمدة تتراوح بين يوم وأسابيع عدة، لكن الآفات تنتقل دوماً؛ حيث تختفي خلية الطفح لتتشكل خلية جديدة حتى تختفي الحالة تماماً أو تُعَالَج، ما يسبب حكة مستمرة، مع إحساس بالحرقة أحياناً، وقد يقترن الطفح الجلدي الناجم عن الإجهاد، أحياناً بتورم الجفون أو الشفاه.
أفضل علاج لطفح التوتر هو منعه تماماً، حيث يمكن أن يختفي من تلقاء نفسه بعد إزالة العامل المسبب له، ويمكن استخدام تقنيات الحد من التوتر، مثل: الاسترخاء وممارسة التأمل، لكن لا داعي للقلق إذا بدأت بشرتك بالحكة بعد يوم شاق ومرهق، فيمكن علاج "الشرى" بتناول مضادات الهيستامين، مثل أدوية "بينادريل" و"زيرتيك".
ويُنصح بتجنب الأطعمة الساخنة، والكحول، وأحواض الاستحمام الساخنة، والساونا، التي قد تهيج الطفح الجلدي، وتجنب الخدش لمنع تفاقم الحكة وانتشار البكتيريا الضارة، ويُفضل الاستحمام بمياه باردة لكونه يساعد على تخفيف التورم والحكة في بداية الطفح الجلدي.